تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » لا تجعلوا الحلالَ حراماً !

لا تجعلوا الحلالَ حراماً !

أقولُ لظبيّ مرّ بي وهو شَاردٌ
أَأَنتَ أخو ليلى، فقال : يُقالُ
هذا البيتُ لقيس بن المُلوّح الذي لقّبته العربُ مجنون ليلى، والعربُ كانتْ إذا لقّبتْ بالغتْ ! ولعلّ هذا أحد أقلّ ألقابها مبالغة، فقد كان مجنوناً بليلى على وجه الحقيقة لا المجاز!
وقد بلغ من جنونه بها، أنّه في يوم عرفة وقد انعقد سوق العتق، جاء النّاسُ يبيعون ذنوبهم ويشترون مغفرةً، وحده قيس جاء ذاك اليوم يبيع كلّ ذنوبه إلا هوى ليلى، وأنشد يقول:
أتوبُ إليكَ يا رحمنُ مما
عملتُ فقد تظاهرت الذنوبُ
فأما عن هوى ليلى وتركي

لا تجعلوا الحلالَ حراماً !

زيارتها فإني لا أتوبُ
وكيفَ وعندها قلبي رهينٌ
أتوبُ إليكَ منها أو أُنيبُ
وليلى العامريّة هي ابنة عمّه الذي رفضَ تزويجها له، لأن العربَ لا تُزوّج امرأةً لرجلٍ شبَّبَ بها، أي تغزّل بها شعراً على الملأ، لأنها كانت ترى أنّه غير جديرٍ بالحفاظ على عرضها، ولعلّ هذا أحد أهمّ الأسباب التي لأجلها لم يتزوّج شاعر حبيبته ، فلا قيس تزوّج العامريّة، ولا جميلٌ تزوّج بُثينة، ولا توبة تزوّج الأخيليّة !
وعندما زوّجها أبوها لغيره، ذهب المجنون إلى مضافة الرّجال حيث يجلس زوجها، وكانوا قد أوقدوا ناراً كعادة العرب الذين لا تحلو سهراتهم دونها، وقال له:
بدينِكَ هل ضممتَ إليك ليلى
قُبيل الصُّبحِ أو قبّلتَ فاها
وهل رفّتْ عليكَ قرونُ ليلى
رفيفَ الأقحوان على نداها
فقال له زوجها: بما أنّك استحلفتني بديني، اللهم إنّي قد فعلتُ !
فقبض قيس على الجمر وخرّ مغشيّاً عليه !
كانت العربُ إذاً تُقدّم الغيرة على الحُبّ، ومن فرط الغيرة المجنونة وأد بعضهم بناتهم مخافة السبيّ إذا كانوا قوماً يَغزونَ ويُغزَون ! أمّا اليوم فقد انقلبَ حال بعض العرب، صاروا متحضّرين، وكفّوا عن الغزو والغيرة معاً !
بِاسمِ الحُبّ عناق زوجٍ لزوجته في مواقع التّواصل، وبِاسمِ الحُبّ قُبلة على الملأ، وبِاسمِ الحُبّ ضمّة في المطبخ، وغداً بِاسمِ الحُبّ في السّرير !
ملعون هذا الحُب الذي يجعل الزّوجة ملكيّةً عامة يتأملها الآخرون، ملعون هذا الحُبّ الذي لا يُراعي غيرة أبٍ على ابنته، وأخٍ على أخته، لمجرّد أنّ أحدهم قرّر أن يقول للنّاس: نحنُ عشّاق أيها القوم !
أنا لا أُشكك في حبّ أحدٍ لزوجته، على يقيني أنّه مهما بلغ أحدنا من العشق لامرأة فلن يبلغ معشار ما بلغ عشق المجنون لليلى، فهوّنوا عليكم ! وتذكّروا أن الحُب خُلق لنعيشه لا لنتحدث عنه، لنستمتع به لا لنصوّره، لنتلذذ به لا لنوثّقه !
وأنتُنّ أيتها الزوجات ما الذي دهاكُنّ، أنتُنّ أمهاتٍ لا إعلاناتٍ عاطفية، أخواتٍ لا بطاقاتٍ رومانسيّة، بناتٍ لا سلعاً قلبيّة، فإذا أخلّ الرّجال بعقد الغيرة فأين غيرتكن على أنفسكنّ !
أَحِبُّوا، اعشقوا حدّ التلف، قبّلوا وتقبّلوا، تهادوا، تسامروا، تراحموا، تفننوا بالحب، وتلذذوا به حتى آخر قطرة، فما منّ الله على عبدٍ بعد الإسلام إلا بحبٍّ حلال يسوقه إليه، فلا تجعلوا الحلال حراماً !

عجبني الموضوع .. شكرا

تسلمين عالنقل

لو عاش قيس وليلى بعصرنا لعرفنا ان للحقيقة سراب

رااائع
اعشق الادب

كلماااات رائعه

يعطيج العافية

الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.