مخالفات النساء في الحج

تعد مخالفات النساء في الحج كالبحر الذي لا ساحل له.. وكذا الرجال، وهذا كله ناتج عن جهل البعض بأحكام الحج وما ينبغي فعله وما ينبغي تركه.

ونظرًا لأن الحج يعد ركنًا من أركان الإسلام فلا بد من بيان ما تقع فيه المرأة المسلمة من مخالفات؛ لكي تحتاط لعبادتها وتؤديها على الوجه المطلوب شرعًا..

أولاً: المخالفات التي تقع فيها المرأة المسلمة عند عزمها على الحج قبل سفرها وفي أثنائه:

1- أول هذه المخالفات -وهذا أخطرها على المرأة المسلمة- أن بعض النساء يقصدن بحجهن المفاخرة والسمعة والرياء، وهذا -مما لا شك فيه- مُحبِطٌ لأجر الحج. قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [الزمر: 65، 66]. وقال تعالى أيضًا: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 88]. وقال أيضًا في حديث قدسي: "أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه".

فعلى المرأة المسلمة أن تحتاط لعبادتها، وتؤديها بإخلاص لله تعالى بدون مفاخرة ولا سمعة ولا رياء.

2- عزمها على السفر بدون محرم، وهذا يحصل كثيرًا؛ فالمرأة مأمورة حال سفرها بوجود المحرم معها، فمتى لم تحصل الإمكانية في وجوده سقطت عنها فريضة الحج، وأصبحت من أهل الأعذار في تركه؛ فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فقال: "لا يخلونَّ رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة ثلاثة إلا معها ذو محرم. فقام رجل فقال: يا رسول الله، إن امرأتي خرجت حاجَّة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا. قال: فانطلق فحج مع امرأتك".

ومن هنا لا يجوز للمرأة أن تسافر للحج أو العمرة إلا مع ذي محرم.

3- ومن المخالفات التي تقع فيها المرأة المسلمة قبل سفرها عدم اختيار الرفقة الصالحة التي تعنيها على أداء فريضة الحج على الوجه الأكمل.

4- ومن المخالفات أن بعض النساء تجعل الرحلة إلى بيت الله العتيق عبارة عن نزهة وفسحة وسياحة، فتراها خرَّاجة ولاَّجة في الأسواق خارج بلدها.. وهذا من المنكر العظيم، فالحج عبادة من أجلّ العبادات، فكون المسلمة تجعله على هذه الطريقة المبتدعة يجعلها خاسرة غير رابحة.

5- ومن المخالفات التي تقع فيها المرأة أثناء سفرها إلى الحج اختلاطها بالرجال وبخاصة أثناء الاستراحات، وهذا مما يلاحظ عند البعض منهن. فعلى المرأة أن تتقي الله في ذلك، وأن تحرص على الابتعاد عن الرجال الأجانب قدر الإمكان.

6- ومن ذلك أيضًا رفع بعض النساء أصواتهن وبخاصة في أثناء سير الحافلة، مع أن المرأة مأمورة بغض الصوت عند الحديث في مجامع السير وغيرها.

ثانيًا: المخالفات التي تقع فيها المرأة قبيل الإحرام وبعده:

1- أول هذه المخالفات أن بعض النساء تعتقد أن للإحرام لباسًا خاصًّا به، كأن يكون اللون أسود أو أخضر أو أبيض. وهذا غير صحيح، بل للمرأة أن تحرم بما شاءت من الثياب، لكن بشرط اجتناب الثياب الجميلة التي تؤدي إلى فتنة الرجال، وأن تجتنب لبس ما فيه تشبه بالرجال.

2- ومن ذلك أيضًا أن بعض النساء تعتقد أن الثياب التي أحرمت بها لا يجوز استبدالها إلا بعد الانتهاء من مناسك الحج. وهذا خطأ، بل للمرأة أن تستبدلها بما شاءت من الثياب ومتى شاءت.

3- ومن ذلك أن بعض النساء يضعن حائلاً بين الغطاء وبين الوجه، وهذا تكلف لا أصل له، بل المرأة تغطي وجهها عند الرجال الأجانب ولو مسَّ الخمار وجهها، وإذا لم يكن عندها رجال أجانب كشفت وجهها.

4- ومن ذلك أيضًا أن بعض النساء إذا مرَّت بالميقات وهي حائض أو نفساء لم تحرم، ظنًّا منها أن الإحرام تشترط له الطهارة. وهذا خطأ ظاهر، فالمرأة الحائض والنفساء تعمل كما يعمل غيرها في الميقات فتغتسل وتتنظف وتأتي بالتلبية ونية الإحرام، وهذا ما فعلته أسماء بنت عميس بتوجيه من الرسول صلى الله عليه وسلم حين نفِست في الميقات.

5- ومن المخالفات أن بعض النساء تلبس القفازين بعد إحرامها؛ حرصًا منها على الستر. وهذا خطأ، فالمرأة لا تلبس القفازين حال الإحرام، لكن المشروع في حقها أن تستر يدها بثيابها عند رؤية الرجال الأجانب كما تستر وجهها.

ثالثًا: المخالفات حال الطواف:

1- وهي من أشدها خطرًا على المرأة والرجل، وهي أن بعض النساء إذا أرادت الطواف بالبيت لبست أجمل ملابسها وتزينت وتعطرت، ثم خرجت متبرجة فاتنة غيرها من الرجال.

وهذا من أشد المنكرات خطورة، فعلى المرأة أن تتقي الله في نفسها، وأن تحافظ على حجها، ولا تخرج لطوافها إلا وهي في غاية الذل والانكسار والمهابة والخشية لله تعالى.

2- ومن ذلك التزام المرأة بأدعية خاصة في أثناء طوافها، وهذا نشاهده من بعضهن حينما تمسك كتابًا فيه أدعية خاصة لكل شوط من الأشواط. وهذا خطأ، حيث إنه لم يثبت دعاء خاص للطواف، بل تدعو بما شاءت.

3- ومن ذلك رفع النساء بالتأمين أثناء الطواف حينما تسمع أحدًا يدعو. وهذا منكر، فالمرأة لا يجوز أن ترفع صوتها ولا أن تظهره إلا لضرورة أو حاجة، بل إذا سمعت دعاء وأرادت أن تؤمِّن عليه، فتؤمن بصوت غير مسموع لغيرها، وإن كان الدعاء منها هو السُّنَّة.

4- ومن ذلك أن بعض النساء تشير إلى الركن اليماني أو تقبله. وهذا خطأ، بل الصواب أنها لا تفعل ذلك، لكن إذا كانت قريبة منه وليس هناك زحام استلمته استلامًا فقط، ولا تفعل ما ذكرت من الإشارة والتقبيل.

5- ومن ذلك أن بعض النساء تزاحم الرجال من أجل تقبيل الحجر الأسود. وهذا خطأ، بل لا يجوز للمرأة أن تفعل ذلك. فإن تمكنت من تقبيله من غير زحام ولا مخالطة للرجال فلا مانع، أما ما نشاهده منهن عند الحجر الأسود ورغبتهن في تقبيله، فهذا منكر عظيم إذا ترتب عليه ما ذكرت.

6- بعض النساء تحرص على أداء ركعتي الطواف خلف مقام إبراهيم، وتعتقد أن الركعتين لا تصلحان إلا في هذا المكان. وهذا خطأ، بل على المرأة أن تصلي هاتين الركعتين في أي مكان بالحرم بدون حدوث أذية لها، ولا تزاحم أحدًا ممن يطوف.

7- بعض النساء ترمل أثناء طوافها. وهذا خطأ، فالمرأة لا يشرع لها الرمل بل هو خاص بالرجال.

رابعًا: المخالفات التي تقع فيها النساء عند سعيها:

1- بعضهن تصعد جبل الصفا وجبل المروة إلى أعلاهما حتى تختلط بالرجال، ظنًّا منها أنه لا يجزئ إلا ذلك. والصحيح أنه يكفي أن ترتفع شيئًا قليلاً، ولو لم تبلغ آخره.

2- بعض النساء تصلي ركعتين بعد السعي، وهذا لا أصل له، بل المشروع الصلاة بعد الطواف فقط.

3- بعض النساء تعتقد أن الطهارة شرط لصحة السعي. وهذا خطأ، بل لا يشترط للسعي الطهارة، فمتى أحدثت المرأة في سعيها أو نزل منها إفرازات حال سعيها، فسعيها صحيح ولا إعادة عليها.

4- بعض النساء يصيبها تعب وإرهاق ولا تجعل لنفسها راحة، ظنًّا منها أنه لا يجوز قطع السعي. وهذا غير صحيح، بل للمرأة متى أحسَّت بتعبٍ وإرهاق أن تجلس لتستريح، ثم تكمل سعيها.

5- بعض النساء تسعى أربعة عشر شوطًا ظنًّا منها أن الذهاب والإياب يعد واحدًا. وهذا خطأ، بل السعي من الصفا إلى المروة يعد شوطًا، ثم من المروة إلى الصفا يعد شوطًا آخر، وهكذا.

6- ومن المخالفات أن بعض النساء تسرع بين العلمين الأخضرين. وهذا خطأ، فالمشروع في حقهن عدم السعي بسرعة؛ لأن السرعة خاصة بالرجال.

خامسًا: المخالفات في تقصير الشعر:

1- بعض النساء تترك قص شيء من شعرها، وقد تذهب إلى بلدها دون أن تؤدي هذا النسك. وهذا خطأ، بل المرأة واجب عليها أن تأخذ من شعرها قدر الأنملة، وهذا واجب من واجبات الحج والعمرة.

2- بعض النساء تظن أنه لا يكفي في التقصير إلا الأخذ من جميع جوانب شعر رأسها. وهذا خطأ، بل يكفيها أن تأخذ من شعرها من أسفله أو أعلاه فقط، وذلك بأن تجمعه كله في يدها ثم تأخذ منه قدر الأنملة. أما إذا كان شعرها مضفرًا، فتأخذ من كل ضفيرة قدر الأنملة.

سادسًا: المخالفات في عرفة:

1- بعض النساء (وهذا خاص بمن هم خارج الحملات) قد تقف خارج حدود عرفة، وبالتالي يضيع عليها هذا الركن العظيم، ويبطل حجها بذلك.

2- بعض النساء تحرص على صعود جبل الرحمة في عرفة وتتعبد لله بذلك، وإن كلفها هذا تعبًا ومشقة. وهذا خطأ، فالوقوف في أي مكان في عرفة يكفيها، ولا يلزم صعودها على الجبل.

3- بعض النساء لا تشغل نفسها بما هو مفيد لها هذا اليوم من دعاء وذكر وعبادة، فتحرم نفسها من أجر هذا كله، وتأتي بما يعود عليها بالضرر من الغيبة وغيرها.

سابعًا: المخالفات في مزدلفة:

1- من المخالفات التي تقع فيها المرأة المسلمة في مزدلفة أنها حينما تصل إليها تنشغل بجمع الحصى وتترك صلاة المغرب والعشاء، وهذا خلاف السُّنَّة؛ فالذي ينبغي لها أن تبادر بأداء الصلاة؛ لأن هذا هو فعله صلى الله عليه وسلم حين وصوله إلى مزدلفة.

2- ومن المخالفات أن بعض النساء لا تتحرى القبلة حين أدائها للصلاة. وهذا خطأ، بل الواجب عليها أن تسأل إن كانت لا تدري أين اتجاه القبلة.

3- ومن المخالفات الظاهرة للنساء والرجال تأدية صلاة الفجر قبل وقتها المفروض. وهذا خطأ يترتب عليه بطلان الصلاة، فعلى الجميع التحري في وقت الصلاة الذي فرضها الله تعالى فيه.

4- بعض النساء ممن يدفعن من مزدلفة بعد منتصف الليل تراهن يبكرن قبل منتصف الليل المعتبر في حقهن للدفع، فتراهن قبل الساعة الثانية عشرة ليلاً ينصرفن. وهذا خطأ، بل الأولى أن يكون انصرافهن بعد مغيب القمر.

ثامنًا: المخالفات عند رمي الجمار:

1- ومن ذلك أن بعض النساء ترمي قبل الوقت، فتراها ترمي جمرة العقبة قبل منتصف الليل أو ترمي أيام التشريق قبل الزوال. وهذا خطأ ولا يصح؛ لأن العبادة إذا وقعت قبل وقتها لا تصح.

2- رمي النساء للجمرات من بُعد خوفًا على أنفسهن؛ مما يترتب عليه عدم وقوع الحصى في الحوض. وهذا خطأ، بل لا بد من وصول الحصى إلى محله.

3- رمي النساء بغير الحصى كأن ترمي بحذائها وغيرها. وهذا خطأ وجهل، بل لا تتجاوز المرأة المسلمة ما أمرت به شرعًا وهو الحصى فقط، فمتى رمت بغيره فقد أتت ببدعة، عليها وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة.

4- بعض النساء تغسل الحصى قبل الرمي وتنظفها وقد تطيبها، وهذا غير مشروع.

5- تتساهل كثير من النساء في التوكيل لرمي الجمار، مع أنها قوية تتحمل الرمي بنفسها. وهذا خطأ، بل متى كانت المرأة قوية تتحمل ذلك فلا ينبغي لها أن توكل غيرها، وعليها أن تتحرى أوقات عدم الزحام ولو كان ذلك متأخرًا؛ لكي تؤدي العبادة بنفسها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.