تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » الحدائق المنزلية تحف متناغمة تعكس بيئات متمايزة ومتماثلة

الحدائق المنزلية تحف متناغمة تعكس بيئات متمايزة ومتماثلة

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم و رحمه و بركاته

تاريخ النشر: الثلاثاء 11 يناير
تعد الحدائق نوعا من أنواع الفنون الجميلة التي انتقلت من بيئة إلى أخرى، وتأثرت بمختلف الثقافات ليكون لها نهج وأنظمة فنية معينة، ولتظهر بالصور التي تحاكي طبيعة ومعتقدات الشعوب وثقافتهم، وما تتوفر في بيئتهم من أدوات ومواد تراثية، تصور من خلاله ملامح هذه البيئة التي تعتبر تحفة جمالية ترسو بهدوء في الحديقة المنزلية، هذه اللوحات المتعددة إنما تنبض بمعاني فنية رائعة تنقلنا إلى بيئات طبيعية مختلفة من خلال تصاميمها الثرية والمتعددة الأفكار.

خولة علي (دبي) – يعرفنا المهندس الزراعي أحمد القصبي على مراحل تطور هذه الحدائق التي أصبحت في وقتنا الحالي بمثابة تحفة جمالية تأخذ مساحة معينة من الحديقة.

حيث يشير القصبي إلى انه يمكن أن نتعرف على صور وأنظمة الحدائق التي انتقلت من عصر إلى آخر ومن بيئة إلى أخرى، حيث نجد في بعض منها تأثيراً واضحاً للمعتقدات الدينية والثقافة التي رسمت أبعادها، ولتفاصيل وجدت في كثير من الأحيان لأغراض دينية ليس إلا، في بعض المجتمعات، فكل نظام حدائقي نجده قد تأثر بالتطورات التي حدثت في بيئته.

معايير هندسية

لو عرضنا تاريخ تطور هذه الحدائق، يقول القصبي، التي بدأت أساسا عند القدماء المصريين، حيث اقتصرت ملكيتها فقط على الملوك والكهنة، دون الشعب، لوجدنا نمط الحديقة قائماً على نظام هندسي محدد، حيث تتوسطها أحوض الماء مستطيلة الشكل، وتحيط بها مجموعة من أشجار الظل التي تقف في صفوف منتظمة، وبالانتقال إلى حدائق الأشوريين والبابليين في دجلة والفرات، نجد الطراز السائد في هذه الحديقة هو التناظر الهندسي، حيث كانت في مستويات منتظمة على هيئة مصاطب متدرجة من ستة مستويات أو أكثر، وأقيمت الحديقة على هذا الطراز نظرا لشح الماء وقلة الأمطار، وأقيمت الأعمدة على حوافها الخارجية منعا لانهيار المصاطب، وأسفل هذه المصاطب يوجد بركة تتدفق إليها المياه في شكل شلالات ويزرع حول هذه البركة مجموعة من الأشجار منها الجوز الرمان، القرنفل البنفسج والورد وشقائق النعمان، وقد ظهرت فنون تنسيق الورد وحدائق خاصة، من أهمها حدائق بابل المعلقة التي عرفت كأحد عجائب السبع، وقد بناها الملك آنذاك، نزولا عند رغبة زوجته وتكريما لها. حيث تميز هذا الطراز بفصل حدائق الزينة عن حدائق البساتين، وقد تمت زراعة أنواع مختلفة من النباتات تزهر في مواسم مختلفة على مدار السنة، والتصميم عادة ما يكون على شكل مربع أو مستطيل، ثم يقسم إلى محاور عرضية وأخرى طولية وفق أقسام متساوية ومتوازنة ومتماثلة، كما نجد التماثيل حاضرة وبقوة في هذا النمط من الحديقة.

حدائق فارس المائية

يضيف المهندس القصبي قائلا: أما الطراز الفارسي الذي نقل أساسا من الأشوريين بعد غزوهم، والذي كان منقولاً أساسا من القدماء المصريين، فتتميز تصميماته بسياقات هندسية منتظمة الشكل، منها ما هو معلق ومنها المسطح أيضاً، ولكن العنصر الأساسي هو عنصر المركزية. ويعتبر الفرس أول من ابتكر الحدائق المائية، وتميز هذا الطابع بالابتكار والإبداع حيث نقلت الرسومات وتصميمات الحديقة على السجاد، كما تميز الفرس بإقامة أحواض النباتات العشبية وتم توزيعها بنظام جميل حول الحديقة بحيث تحيط كل أجزاؤها بإطار زهري متعدد الألوان في تنسيق بديع وجذاب، وقد اهتم الفرس باستخراج العطور من الزهور. أما الطراز الإسلامي فنجده يسير وفق العادات والتقاليد، حيث يتميز هذا النمط بالتحفظ وإحاطة المباني بالأسوار العالية، ويغلب عليه الطراز الهندسي المنسق، فنجد أقسام الحديقة متناظرة، والوحدات منها مربعة الشكل ومستطيلة على طرق متعامدة، وعادة ما يكسو أرضيتها بلاط ملون، ووزعت الأسوار العالية حول الأسوار لحجب المناظر الداخلية حيث نجد الشلالات والنوافير.

النموذج الهندي

بالنسبة للطراز الهندي من الحدائق يقول محدثنا إنه يمثل مزيجا بين الفرعونية والفارسية، وقد ظهرت فيه بكثرة التصميمات والأحواض المائية في شكل فساقي وميادين مائية، واهتم الطراز بالمعمار على حساب تنسيق استعمال النباتات، واستخدم عنصر النبات لاستكمال صورة الميادين والنافورة حيث نجد الأشجار والشجيرات المنتظمة والمخروطية الشكل كما استخدم أحواض الزهور.

إرث اليابانيين الحدائقي

يستكمل القصبي حديثه قائلا: أما الطراز الياباني فهو ليس وليد عهد أو حقبة معينة، وإنما يعد ثروة قومية يتوارثها اليابانيون على مر العصور، كما وارتبطت الحديقة ووجودها بمعتقداتهم الدينية حيث اتخذ من الحديقة مكانا للعبادة والتقديس وليس فقط للزينة والتمتع بمناظرها الجميلة، وتقوم الفكرة العامة في تصميم الحديقة على وجود البحيرات الطبيعية، يعلوها جسر أو ممر خشبي، وحول البحيرة تلال تزرع عليها الأشجار والشجيرات، وتترك أيضا عليها مساحة للجلوس، وعادة ما تقوم الحديقة وسط بحيرة جزيرة صغيرة يمكن الوصول إليها عن طريق عمل جسر من الحجر أو الخشب، ويمكن زراعة شجيرة أو شجرة كبيرة ومتهدلة في وسط الجزر، وعادة ما تكون ممرات الحديقة متعرجة بشكل طبيعي أيضا، وتنتشر فيها الحجار المسطحة مع استخدام النباتات المستديمة الخضرة بكثرة في هذه الحديقة مع استخدام النباتات المتساقطة الأوراق بصورة قليلة، والتركيز على النباتات والأشجار المزهرة بوجه خاص، حيث تتم زراعتها بطريقة متتابعة، ومن أهم ما يميز الحدائق ذات النمط الياباني عدم وجود المسطحات الخضراء حيث نجد عوضا عنها الرمال والأحجار، كما نجد الانسجام في توزيع النباتات فكل مجموعة نباتية تعطي فكرة أو مدلولا خاصا، حيث الأشجار الصغيرة الكبيرة تزرع بشكل معين لتعطي فكرة الغابة، كما أن غير محددة المساحة فقط تكون كبيرة وواسعة أو قد تكون مصغرة.

العصر الفرنسي الذهبي

يشير القصبي إلى أن الطراز الفرنسي، الذي عرف بعصر لويس الرابع عشر، يعتبر العصر الذهبي لفن تنسيق الحدائق وقد وصف هذا الطراز بالعظيم حيث يشهد على ذلك حدائق قصر فرساي ويتمتع هذا الطراز بالنمط الهندسي المتناظر والخطوط المستقيمة مع سيادة التماثيل والنوافير، ولخلق إيحاء بالاتساع كان يعمد إلى عدم إنشاء أسوار للحديقة للاستفادة من المناظر الطبيعية خارج نطاق الحديقة، وزراعة الأشجار بمستويات متدرجة في صفوف حول الطرقات والمشايات، بحيث تتواجد أطوالها في المقدمة واقصرها في أبعد نقطة وكذلك من حيث اختلاف مسافات الزراعة بينهم فهي نجدها تضيق تدريجيا كلما ابتعدنا. ثم أتى طراز الحديقة الانجليزية، الذي يطلق عليه التيودوري، نسبة إلى المصمم الانجليزي الذي أبدعه ورسم ملامحه، حيث نجد تصميمه هندسي النمط، ويسود فيه عنصر التشكيل بالأشجار والشجيرات الموزعة بطريقة منتظمة، ونجد أيضاً الطرق والمشايات مستقيمة هندسية الشكل تعلوها المظلات والنباتات المتسلقة، ويتم تقسيم الحديقة وعزلها عن بعضها البعض بواسطة الأسيجة النباتية التي يتم تشكيلها وقصها، وكل جزء من هذه الحديقة المقسمة تخصص لزراعة باقات من الزهور، أو يمكن أن تستخدم لزراعة النباتات الشوكية، وغيرها الكثير. ولكن لمحة سريعة على الطراز الإغريقي والرماني تعطينا فكرة عن حدائق للقصور شبيهة بحدائق الفراعنة من حيث تواجد الأقسام المتناظرة والمنسقة على الطريقة الشرقية بالنافورات والتكاعيب التي أقيمت على أعمدة مبنية حول التماثيل الإغريقية، ونجد نباتات الصنوبر والزيتون بكثرة في التنسيق.

الطراز الايطالي

النمط الايطالي يعد خليطاً بين الإغريقي والروماني، حيث قسمت الحدائق إلى قسمين قسم للملوك التي ادخل فيها ولأول مرة أقفاص الحيوانات والقسم الآخر للشعب ذات مساحة واسعة، ونجد فيه التنسيق المنتظم للنباتات المخروطية الشكل. إلى أن ظهرت فلسفات تدعو إلى الأخذ بمظهر الطبيعية من حيث تراكيبها وتنسيقها الفطري، وذلك للتنفيس عن الكبت الواقع على الأفراد نتيجة لتطور ظروف الحياة، وبعد أن سئم الناس من الطراز الهندسي المنتظم عندها تم التوجه إلى مضاهاة الطبيعية من خلال التنوع ودمج أنماط عدة من الحدائق بطريقة فنية أقرب إلى الطبيعية البكر، في ما يمثل تحرراً من قيود النظام الهندسي.

http://www.alittihad.ae/details.php?…#ixzz1AjkD3Bj0

مشكوره عالموضوع

مشكووورة على الطرح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.