تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » أصبت بالاكتئاب من كثرة التفكير في الزواج فكيف أستريح؟

أصبت بالاكتئاب من كثرة التفكير في الزواج فكيف أستريح؟

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تأخر الزواج عند الفتيات
أصبت بالاكتئاب من كثرة التفكير في الزواج..فكيف أستريح؟
-04-06 10:03:44 | رقم الإستشارة: 281907

أ/ الهنداوي

السؤال: أنا فتاة في منتصف العشرينات، لم يقدر الله لي أن أتزوج حتى الآن، وربما هذا سبب مشكلتي، فأنا أفكر ليل نهار بالزواج، خاصة عندما أخرج من المنزل وأرى جمال الفتيات، وعندما أرى زوجان معا أو حبيبان -والحمد لله-، فقد كنت طوال حياتي فتاة ملتزمة بفضل الله، ولكني أصبحت أرى ضعفا في نفسي وفي وحدتي وفي عدم إحساسي بالحب.

كنت أحيانا أفكر في أني من الأفضل أن لا أتزوج، وخاصة أني لا أحمل جمال النساء، لعل الزواج أو الارتباط سيسبب لي مشاكل، وأنا في غنى عنها، ولكني عدلت عن هذه الأفكار وقلت إن الخير عند الله.

أرسل استشارتي لأني أريد أن تدلوني على طريق أنشغل به ذهنيا عن هذا التفكير، فقد حاولت كثيراً أن أنشغل بأعمال ولكن معظمها بدنية لم تشغلني إلا قليلا وأعود للتفكير.

أعرف أن كل شيء مقدر عند الله، وأنا موقنة بما عند الله -والحمد لله-.

ولكن ما يؤرقني هو كثرة التفكير، أريد أن أتخلص منه، لأني كنت أصبت بالاكتئاب مرات، ومنذ فترة أصبحت أحسن، لأني لم أعد أبالي بكلام الشيطان وكيده بي لكي يجعلني دائما حزينة.
الإجابة : بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

تمر على الفتاة المؤمنة لحظاتٌ تشعر فيها بمشقة الأمر على نفسها، فهي تريد أن يكون لها ما تأمله كل فتاة بحسب فطرتها، تريد أن يكون لها الزوج الصالح الذي تفرح به، وتأنس به، وتسقيه من حبها وحنانها، وكذلك يغدق عليها من عطفه وحنانه ورحمته، فتشعر حينئذ بنفسها، تشعر أنها في مملكتها الصغيرة، في بيتها ترتبه بيديها، وتضع أغراضه في الأماكن التي تريدها، إن هذه المعاني تهتف بقوة في نفس أي فتاةٍ صاحبة فطرة سوية، فربما جاءك الهم أحياناً من هذا التفكير ومن هذا الشعور، إنك تجلسين أحياناً وكأنك تعدين الأيام تلو الأيام، وترين السنوات تمر كذلك، وأنت تشفقين على نفسك من تأخر زواجك، فهي فطرةٌ لا يمكن إلغاؤها، ولا يمكن الإعراض عنها، لأنها مركوزةٌ في نفس كل إنسان سوي، فأنت يا أختي معذورةٌ فيما ينالك من هذا الهم وهذا الحزن، ولا لوم عليك فيه، ولا يُعد هذا بحمد الله عز وجل اعتراضاً على قدر الله، ولا يُعد كذلك جزعاً وعدم صبرٍ وعدم تسليم، بل إنك بحمد الله عز وجل مسلمةً أمرك إلى الله وتحمدينه على نعمه، حتى في هذا الحال الذي تشعرين فيه بمشقة، فأنت كذلك تنطقين بكلمات الحمد والثناء على الله جل وعلا والتسليم لحكمه العظيم، ولكن: ماذا يصنع الإنسان بنفسه التي لا بد أن ينالها شيءٌ من أعراض الدنيا من همٍ وحزن؟ فهذا لا إمكان لدفعه، ولذلك قال صلوات الله وسلامه عليه: (ما يصيب المسلم من نصب – أي تعب- ولا وصب –أي مرض- ولا هم ولا غمٍ ولا حزن ولا أذى حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله من خطاياه ) متفقٌ عليه .

إذاً فهو تكفير السيئات ورفعة الدرجات بإذن الله عز وجل، فقد قال صلوات الله وسلامه عليه: (من يرد الله به خيراً يصب منه) خرجه البخاري في صحيحه، وقال صلوات الله وسلامه عليه: (إن عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط) رواه الترمذي في سننه.

فإن قلت: فهذا التفكير الذي يُشغل بالي وأقلقني وأشعرني بالغصة في حلقي فلا أعيش حياتي سعيدةً كما أريد وإن شاركت في الضحك مع شقيقاتي ومع أخواتي في الله، لا أجد أنني أضحك تلك الضحكة الصافية من قلبي، فالجواب: إن هذا عينه الذي تقدم هو دواء هذا التفكير، إنه أن تحولي تفكيرك إلى احتساب الصبر عند الله جل وعلا {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} إنه أن تنظري إلى عظيم الفضل الذي ينالك بصبرك وحسن ثباتك على دين الله جل وعلا، فهذا هو الذي لا بد أن يكون للإنسان أن يجعل حزنه صبراً، وأن يجعل فرحه شكراً، فما منا وإلا يناله هذا الهم وهذا الغم، والمفلح هو من نظر هذه النظرة السليمة، قال الله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ*لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} فأخبر جل وعلا أن كل ما يصيب الإنسان من أمور الدنيا ومن ابتلاءاتها فكله بقدره العظيم، وهذا النظر هو الذي يدفع عن الإنسان الهم والغم على الحقيقة عندما يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه، فتقر نفسه، ويعلم أنه في حفظ الله جل وعلا، فإن الله جل وعلا حافظٌ عباده المؤمنين، قال الله تعالى: {وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} ولذلك خرج الترمذي في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة) وقد قال ابن عباس رضي الله عنه وأرضاه: (ليس أحدٌ إلا وهو يحزن ويفرح ولكن من جعل المصيبة صبراً وجعل الخير شكراً) فهذه هي الخصلة الكاملة التي تعينك على ضبط هذا التفكير، مضافاً إلى ذلك التيقظ إلى الفكرة نفسها فعندما ترد على نفسك فلا تتشاغلي بها يا أختي، ولا تمعني فيها، بمعنى أن لا تبقي جالسةً قد وضعت يدك على خدك مثلاً، ثم تسرحين في حالك وما أنت عليه وفي أمر تأخر زواجك إلى هذا الوقت وغير ذلك من الأفكار التي تداهمك، ثم يأتيك بعد ذلك الخوف من التعنيس وهل سأبقى على هذا الحال؟

فهذا نوعٌ من التهويل الذي يلقيه الشيطان {لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} فادفعي ذلك بحسن توكلك على الله جل وعلا وحسن رجائك، ومتى شعرت بمثل هذا الشعور فافزعي إلى ربك، ارفعي يديك إليه، واسأليه من فضله، كما قال صلوات الله وسلامه عليه: (إن ربكم تبارك وتعالى حيٌ كريم يستحي إذا رفع العبد يديه إليه أن يردهما صفراً) أخرجه الترمذي في سننه.

ومن هذا المعنى: التشاغل عن هذا التفكير بأي أمر ممكن حتى ولو كان بأعمالٍ مباحة، فإن قلت: فإن الأعمال العملية لا تدفع عني تفكيري، فالجواب: إنها أحد الأساليب لمضادة التفكير الذي يحزن الإنسان، ولكن لابد من أن تقطعيه من نفسك أصلاً، وذلك بتيقظك لهذه الأفكار عندما ترد عليك، وبذل الوسع في عدم الاسترسال فيها، نعم.. قد ترد على الإنسان فلا يستطيع دفعها فيفكر فيها شيئاً ما، وهذا أمرٌ لا يمكن دفعه، ولكن لا بد من عدم المضي في هذه الأفكار حتى لا تنقلب حزناً وهماً وكآبةً كما أشرت في كلامك الكريم، ومن هذا المعنى يا أختي شغل نفسك بما يعود عليك بالخير والفضل، حتى ولو كان بتعلم بعض الفنون اللطيفة كفن الخياطة مثلا، فإن فيه تسليةً ومتعةً إلى جانب الفائدة التي تجنينها وإعداد نفسك كربة بيتٍ ناجحة بإذن الله.

ومن هذا أيضاً المشاركة في تحصيل العلم النافع، وفي حفظ كتاب الله عز وجل، فهذا وإن كان عملاً ظاهراً، إلا أن له تأثيراً باطناً أيضاً، فإن انشغال النفس بهذه الأمور يوجب إشغالها عن التفكير بالأحزان والهموم التي لا طائل من التفكير فيها، بل مضرتها ظاهرة فإن الحزن له مضرةٌ على النفس وربما أدى إلى بعض الإحباط الذي قد يوصل الإنسان إلى قدر ٍمن الكآبة، فابذلي جهدك في ذلك، وتوكلي على الله جل وعلا، وأنزلي حوائجك به،واستعيني بربك عز وجل، قال تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ}.

ونسأل الله عز وجل أن يفرج كربك، وأن يشرح صدرك، وأن ييسر أمرك، وأن يفتح عليك من بركاته ورحماته، وأن يرزقك الزوج الصالح الذي يقر عينك.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الله يوفق كل من ارادت العفاف

اللي جاوب الاستشاره جوابه فيه حكمه و فوائد
الله يرزق كل بنت مسلمة حابه الستر والعفاف بالزوج الصالح اللي تتمناه

الحمدالله على كل حال ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.